حـفـظ الصحــة بالعـســل
قال تعالى : { يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ }(النحل: من الآية69)
وفي (( الصحيحين )) من حديث أبي المتوكل ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رجلاً
أتى النبي فقال : إن أخي يشتكي بطنه [ وفي رواية : استطلق بطنه ] ، فقال :
(( اسقه عسلاً )) ، فذهب ثم رجع ، فقال : قد سقيته فلم يغن عنه شيئاً ، [
وفي لفظ : فلم يزدهُ إلا استطلاقاً - مرتين أو أكثر - ] كل ذلك يقول له :
(( اسقه عسلاً )) ، فقال له في الثالثة أو الرابعة : (( صدق الله ، وكذب
بطن أخيك )) ([1]) .
ففي الحديث علاج نبوي ناجع لمن أصابه استطلاق في بطنه ، عن تخمة أصابته عن
امتلاء ؛ (( فأمره بشرب العسل لدفع الفضول المجتمعة في نواحي المعدة
والأمعاء ، فإن العسل فيه جلاء ، ودفع للفضول ، وكان قد أصاب المعدة
اختلاط لزوجة ، تمنع استقرار الغذاء فيها للزوجتها ، فإن المعدة لها خمل
كخمل القطيفة ، فإذا علقت بها الأخلاط اللزجة ، أفسدتها ، وأفسدت الغذاء ،
فدواؤها بما يجلوها من تلك الأخلاط، والعسل جلاَّء ، والعسل من أحسن ما
عولج به هذا الداء لا سيما إن مزج بالماء الحار )) ([2]) .
وقال ابن القيم - يرحمه الله - : (( وفي تكرار سقيه العسل معنى طبي بديع ،
وهو أن الدواء يجب أن يكون له مقدار ، وكمية بحسب حال الداء ، إن قصر عنه
، لم يُزله بالكلية ، وإن جاوزه ، أوهى القوى ، فأحدث ضرراً آخر ، فلما
أمره أن يسقيه العسل، سقاه مقداراً لا يفي بمقاومة الداء ، ولا يبلغ الغرض
، فلما أخبره ، علم أن الذي سقاه لا يبلغ مقدار الحاجة ، فلما تكرر ترداده
إلى النبي أكد عليه المعاودة ليصل إلى المقدار المقاوم للداء ، فلما تكررت
الشربات بحسب مادة الداء ، برأ - بإذن الله - واعتبار مقادير الأدوية ،
وكيفياتها ، ومقدار قوة المرض والمريض من أكبر قواعد الطب )) .
وفي قوله : (( صدق الله وكذب بطن أخيك )) ، إشارة إلى تحقيق نفع هذا
الدواء ، وأن بقاء الداء ليس لقصور الدواء في نفسه ؛ ولكن لكذب البطن ،
وكثرة المادة الفاسدة فيه ، فأمره بتكرار الدواء لكثرة المادة )) ([3]) .
منافع العسل في الطب القديم :
قال ابن سينا : العسل طل خفي يقع على الزهور وعلى غيره ، فيلقطه النحل وهو
بخار يصعد ، فينضج في الجو ، فيستحيل ويغلظ في الليل ، فيقع عسلاً ، وقد
يقع العسل كما هو بجبال قصران ، ويختلف بحسب ما يقع عليه الشجر والحجر ،
وأكثر الظاهر من يلقطه الناس ، والخفي يلقطه النحل ، وأظن أن لتصرف النحل
فيه تأثيراً([4]) ، وإنما يلتقطه النحل ليغتذي وليدخره .
ومــن العسل جــنــس حـــرِّيف سُـــمِّـــي ...
وأجود العسل : الصادق الحلاوة ، الطيب الرائحة ، المائل إلى الحرافة ،
وإلى الحمرة ، المتين الذي ليس برقيق ، اللزج الذي لا ينقطع ، وأجوده
الربيعي ، ثم الصيفي ، والشتائي رديء - فيما يقال - .
وعسل النحل حار يابس في الثانية ، وعسل الطبرزد [ السكرنبات ] والقصب الحار في الأولى ليس يابس ، ويجوز أن يكون رطباً في الأولى .
الأفعال والخواص : قوته جالية مفتحة لأفواه العروق، محللة للرطوبات، تجذب
الرطوبات من قعر البدن ، وتمنع العفن به والفساد من اللحوم .
والتلطخ به يمنع القمل والصيبان ويقتلها ، ومع القسط لطوخ للكلف خاصة المزمن ، وبالملح لآثار الضربة الباذنجانية ([5]) .
والعسل : ينقي القروح الوسخة الغائرة ، والمطبوخ منه حتى يغلظ يلزق
الجراحات الطرية ويخفيها ، ويقوي السمع ، وشم الحريف السمي منه يذهب العقل
، فكيف أكله ؟!
والعسل : يجلو ظلمة البصر ، والتحنك به ، والتغرغر يبرئ الخوانيق وينفع
اللوزتين ، وإن شرب العسل سخناً بدهن ورد نفع من نهش الهوام ، ومن شرب
الأفيون ، ولعقه علاج عضة الكلب الكَلِب ، والفطر القتال والمطبوخ منه
نافع للسموم ([6]) .
وقال الإمام ابن قيم الجوزية :
(( والعسل فيه منافع عظيمة ، فإنه جلاء للأوساخ التي في العروق والأمعاء
وغيرها ، محلل للرطوبات أكلاً وطلاءً ، نافع للمشايخ وأصحاب البلغم ومن
كان مزاجه بارداً رطباً ، وهو مغذ ملين للطبيعة ، حافظ لقوى المعاجين ولما
استودع فيه ، مذهب لكيفيات الأدوية الكريهة ، منق للكبد والصدر ، مدر
للبول ، موافق للسعال الكائن عن البلغم ، وإذا شرب حاراً بدهن الورد نفع
من نهش الهوام وشرب الأفيون، وإن شرب وحده ممزوجاً بماء نفع من عضة الكلب
وأكل الفطر القتال ، وإذا جعل فيه اللحم الطري حفظ طراوته ثلاثة أشهر ،
وكذلك إن جعل فيه القثاء والخيار والقرع والباذنجان ، ويحفظ كثيراً من
الفاكهة ستة أشهر ، ويحفظ جثث الموتى ، ويُسمى الحافظ الأمين ، وإذا لطخ
به البدن المقمل والشعر قتل قمله وصئبانه وطول الشعر وحسنه ونعمه ، وإن
اكتحل به جلا ظلمة البصر وإن استن به بيض الأسنان وصقلها وحفظ صحتها وصحة
اللثة ، ويفتح أفواه العروق ، ويدر الطمث ، ولعقه على الريق يذهب البلغم
ويغسل خمل المعدة ويدفع في الفضلات عنها ، ويسخنها تسخيناً معتدلاً ،
ويفتح سددها ، ويفعل ذلك في الكبد والكلى والمثانة ، وهو أقل ضرراً لسدد
الكبد والطحال من كل حلو ، وهو مع هذا كله مأمون الغائلة قليل المضار ،
مضر بالعرض للصفراويين ودفعها بالخل ونحوه ، فيعود حينئذ نافعاً له جداً ،
وهو غذاء مع الأغذية ودواء مع الأدوية ، وشراب مع الأشربة ، وحلو مع
الحلوى ، وطلاء مع الأطلية ، ومفرح مع المفرحات ، فما خلق لنا شيء في
معناه أفضل منه ، ولا مثله ولا قريباً منه ، ولم يكن معول القدماء إلا
عليه لا ذكر فيها للسكر البتة ولا يعرفونه فإنه حديث العهد حدث قريباً ،
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشربه بالماء على الريق وفي ذلك سر بديع في
حفظ الصحة لا يدركه إلا الفطن الفاضل )) ([7]) .
العسل في الطب الحديث :
لقد حظي العسل في الطب الحديث كما حظي من قبل في الطب القديم ، واستفاد
الإنسان من التقدم العلمي والتكنولوجي في تحليل العسل ، ومعرفة مزاياه
العلاجية ، وقيمته الغذائية والعلاجية ،
وإليك أخي القارئ ما قيل فيه :
قال أحمد قدامة : (( وفي الطب الحديث تبين من تحليل العسل أنه يحوي عناصر
ثمينة كثيرة ، أهمها : السكاكر التي اكتشف منها حتى الآن نحو 15 نوعاً -
فقط - ، والبروتين والمعادن (الحديد ، النحاس ، الكبريت ، البوتاسيوم ،
والمنغنيز ، الفوسفور ، الكلور ، الصوديوم ، الكالسيوم ، السيلكا ،
السيليكون ، المغنيسيوم) ، وفيتامينات (ب1 ، ب2 ، ب6 ، ج) ، والخمائر
والنيتروجين ، والحوامض ، والزيوت الأثيرية ، والمواد القطرانية .
.
قال تعالى : { يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ }(النحل: من الآية69)
وفي (( الصحيحين )) من حديث أبي المتوكل ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رجلاً
أتى النبي فقال : إن أخي يشتكي بطنه [ وفي رواية : استطلق بطنه ] ، فقال :
(( اسقه عسلاً )) ، فذهب ثم رجع ، فقال : قد سقيته فلم يغن عنه شيئاً ، [
وفي لفظ : فلم يزدهُ إلا استطلاقاً - مرتين أو أكثر - ] كل ذلك يقول له :
(( اسقه عسلاً )) ، فقال له في الثالثة أو الرابعة : (( صدق الله ، وكذب
بطن أخيك )) ([1]) .
ففي الحديث علاج نبوي ناجع لمن أصابه استطلاق في بطنه ، عن تخمة أصابته عن
امتلاء ؛ (( فأمره بشرب العسل لدفع الفضول المجتمعة في نواحي المعدة
والأمعاء ، فإن العسل فيه جلاء ، ودفع للفضول ، وكان قد أصاب المعدة
اختلاط لزوجة ، تمنع استقرار الغذاء فيها للزوجتها ، فإن المعدة لها خمل
كخمل القطيفة ، فإذا علقت بها الأخلاط اللزجة ، أفسدتها ، وأفسدت الغذاء ،
فدواؤها بما يجلوها من تلك الأخلاط، والعسل جلاَّء ، والعسل من أحسن ما
عولج به هذا الداء لا سيما إن مزج بالماء الحار )) ([2]) .
وقال ابن القيم - يرحمه الله - : (( وفي تكرار سقيه العسل معنى طبي بديع ،
وهو أن الدواء يجب أن يكون له مقدار ، وكمية بحسب حال الداء ، إن قصر عنه
، لم يُزله بالكلية ، وإن جاوزه ، أوهى القوى ، فأحدث ضرراً آخر ، فلما
أمره أن يسقيه العسل، سقاه مقداراً لا يفي بمقاومة الداء ، ولا يبلغ الغرض
، فلما أخبره ، علم أن الذي سقاه لا يبلغ مقدار الحاجة ، فلما تكرر ترداده
إلى النبي أكد عليه المعاودة ليصل إلى المقدار المقاوم للداء ، فلما تكررت
الشربات بحسب مادة الداء ، برأ - بإذن الله - واعتبار مقادير الأدوية ،
وكيفياتها ، ومقدار قوة المرض والمريض من أكبر قواعد الطب )) .
وفي قوله : (( صدق الله وكذب بطن أخيك )) ، إشارة إلى تحقيق نفع هذا
الدواء ، وأن بقاء الداء ليس لقصور الدواء في نفسه ؛ ولكن لكذب البطن ،
وكثرة المادة الفاسدة فيه ، فأمره بتكرار الدواء لكثرة المادة )) ([3]) .
منافع العسل في الطب القديم :
قال ابن سينا : العسل طل خفي يقع على الزهور وعلى غيره ، فيلقطه النحل وهو
بخار يصعد ، فينضج في الجو ، فيستحيل ويغلظ في الليل ، فيقع عسلاً ، وقد
يقع العسل كما هو بجبال قصران ، ويختلف بحسب ما يقع عليه الشجر والحجر ،
وأكثر الظاهر من يلقطه الناس ، والخفي يلقطه النحل ، وأظن أن لتصرف النحل
فيه تأثيراً([4]) ، وإنما يلتقطه النحل ليغتذي وليدخره .
ومــن العسل جــنــس حـــرِّيف سُـــمِّـــي ...
وأجود العسل : الصادق الحلاوة ، الطيب الرائحة ، المائل إلى الحرافة ،
وإلى الحمرة ، المتين الذي ليس برقيق ، اللزج الذي لا ينقطع ، وأجوده
الربيعي ، ثم الصيفي ، والشتائي رديء - فيما يقال - .
وعسل النحل حار يابس في الثانية ، وعسل الطبرزد [ السكرنبات ] والقصب الحار في الأولى ليس يابس ، ويجوز أن يكون رطباً في الأولى .
الأفعال والخواص : قوته جالية مفتحة لأفواه العروق، محللة للرطوبات، تجذب
الرطوبات من قعر البدن ، وتمنع العفن به والفساد من اللحوم .
والتلطخ به يمنع القمل والصيبان ويقتلها ، ومع القسط لطوخ للكلف خاصة المزمن ، وبالملح لآثار الضربة الباذنجانية ([5]) .
والعسل : ينقي القروح الوسخة الغائرة ، والمطبوخ منه حتى يغلظ يلزق
الجراحات الطرية ويخفيها ، ويقوي السمع ، وشم الحريف السمي منه يذهب العقل
، فكيف أكله ؟!
والعسل : يجلو ظلمة البصر ، والتحنك به ، والتغرغر يبرئ الخوانيق وينفع
اللوزتين ، وإن شرب العسل سخناً بدهن ورد نفع من نهش الهوام ، ومن شرب
الأفيون ، ولعقه علاج عضة الكلب الكَلِب ، والفطر القتال والمطبوخ منه
نافع للسموم ([6]) .
وقال الإمام ابن قيم الجوزية :
(( والعسل فيه منافع عظيمة ، فإنه جلاء للأوساخ التي في العروق والأمعاء
وغيرها ، محلل للرطوبات أكلاً وطلاءً ، نافع للمشايخ وأصحاب البلغم ومن
كان مزاجه بارداً رطباً ، وهو مغذ ملين للطبيعة ، حافظ لقوى المعاجين ولما
استودع فيه ، مذهب لكيفيات الأدوية الكريهة ، منق للكبد والصدر ، مدر
للبول ، موافق للسعال الكائن عن البلغم ، وإذا شرب حاراً بدهن الورد نفع
من نهش الهوام وشرب الأفيون، وإن شرب وحده ممزوجاً بماء نفع من عضة الكلب
وأكل الفطر القتال ، وإذا جعل فيه اللحم الطري حفظ طراوته ثلاثة أشهر ،
وكذلك إن جعل فيه القثاء والخيار والقرع والباذنجان ، ويحفظ كثيراً من
الفاكهة ستة أشهر ، ويحفظ جثث الموتى ، ويُسمى الحافظ الأمين ، وإذا لطخ
به البدن المقمل والشعر قتل قمله وصئبانه وطول الشعر وحسنه ونعمه ، وإن
اكتحل به جلا ظلمة البصر وإن استن به بيض الأسنان وصقلها وحفظ صحتها وصحة
اللثة ، ويفتح أفواه العروق ، ويدر الطمث ، ولعقه على الريق يذهب البلغم
ويغسل خمل المعدة ويدفع في الفضلات عنها ، ويسخنها تسخيناً معتدلاً ،
ويفتح سددها ، ويفعل ذلك في الكبد والكلى والمثانة ، وهو أقل ضرراً لسدد
الكبد والطحال من كل حلو ، وهو مع هذا كله مأمون الغائلة قليل المضار ،
مضر بالعرض للصفراويين ودفعها بالخل ونحوه ، فيعود حينئذ نافعاً له جداً ،
وهو غذاء مع الأغذية ودواء مع الأدوية ، وشراب مع الأشربة ، وحلو مع
الحلوى ، وطلاء مع الأطلية ، ومفرح مع المفرحات ، فما خلق لنا شيء في
معناه أفضل منه ، ولا مثله ولا قريباً منه ، ولم يكن معول القدماء إلا
عليه لا ذكر فيها للسكر البتة ولا يعرفونه فإنه حديث العهد حدث قريباً ،
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشربه بالماء على الريق وفي ذلك سر بديع في
حفظ الصحة لا يدركه إلا الفطن الفاضل )) ([7]) .
العسل في الطب الحديث :
لقد حظي العسل في الطب الحديث كما حظي من قبل في الطب القديم ، واستفاد
الإنسان من التقدم العلمي والتكنولوجي في تحليل العسل ، ومعرفة مزاياه
العلاجية ، وقيمته الغذائية والعلاجية ،
وإليك أخي القارئ ما قيل فيه :
قال أحمد قدامة : (( وفي الطب الحديث تبين من تحليل العسل أنه يحوي عناصر
ثمينة كثيرة ، أهمها : السكاكر التي اكتشف منها حتى الآن نحو 15 نوعاً -
فقط - ، والبروتين والمعادن (الحديد ، النحاس ، الكبريت ، البوتاسيوم ،
والمنغنيز ، الفوسفور ، الكلور ، الصوديوم ، الكالسيوم ، السيلكا ،
السيليكون ، المغنيسيوم) ، وفيتامينات (ب1 ، ب2 ، ب6 ، ج) ، والخمائر
والنيتروجين ، والحوامض ، والزيوت الأثيرية ، والمواد القطرانية .
.