بسم الله الرحمن الرحيم
(دماء فوق الرماد)
-أمي
-ماذا تريد؟
-هل لابد من الخروج الآن؟
-بالتأكيد يا بني...لابد أن نحضر الخبز والدواء
-الظلام حالك يا أمي...وغزة صارت كالقبر
-لا تقل قبرا...انها غزة يا ولدي
-لابد أن نلتزم الدار ليلا وكفانا ضوء النهار وغدا سأحضر لك بنفسي الخبز يا أماه
-لا...لا...أخوك جائع..و مريض..لو أجّلنا الخبز لن نؤجّل الدواء
-حسنا...هيا بنا وسأحمل هذه الشمعة لعلها تضيء لنا الطريق
يا الله..انطفأت الشمعة....
-كل الشموع ستنطفيء يا بني....حافظ فقط على النور في قلبك ولا تخف وسر بجانبي
-ليتني قوي مثلك يا أماه
-آاااااااااه...البرد قارص يا ولدي..أقترب وتعال لأدفئك
-كيف تحتفظين بدفء كفك دائما يا أمي
-لا أدرى.....ولكنني هكذا كنت أسأل أمي...
-هل تبتسمين...
-نعم ..أبتسم
- لا...بل أنت تبكين...انني لا أرى وجهك...دعيني أتحسسه
-تذكرت أمي.
-رحمها الله...هيا يا أمي..هيا...فأنا معك
-بارك الله فيك يا بني...تعال من هنا..المخبز في هذا الطريق وها هم قد أشعلوا عجلات السيارات القديمة ليأنس الحي بضوئها
-........................
-ما هذا....نار...طلقات ..أمي...أمي أنا خائف
_آاااااااااااه
_أمي...أمي.....
_أركض يا حبيبي...أركض الى البيت
_أمي...ألا...ستكونين بخير...أصمدي
_هيا يا حبيبي....أنج بنفسك
_وكيف أنجو وأنت نفسي...ونفسي
_انهم يقتربون...أسمع صوت الدبابات...والكل يفر..أركض معهم
_أمي...لا...أنا أحبك...أمي
_يا بني كن قويا...لن تنقذني...ولن أنفعك الان....ان الرصاصة أصابت قلبي
_أمي....سأجرك الى البيت...نعم...سأجرك من ثيابك...فتحملي معي
_وبعد؟ألا ترى الظلام....حتى الطبيب لن يسعفني...فكل غزة في ظلام...
_أمي....أمي....
_بني...أشعر أن زيت السراج قد نضب...وها أنا لا أشعر الآن بأي ألم...فقط دعني أنظر الى وجهك...على ضوء هذا القمر
_أمي...أمي...
_تعال لأضمك...وأشمك...الله...كم أنت جميل يا ولدي..
بني...عش حياتك وأهنأ بها...وأخبر أخوك أنني أحبه...(أشهد أن لا اله الا الله...وأن محمدا رسول الله)
_أمي...أمي....أمي
وظل الحبيب ينادي...ولم تسمعه وبدأ يجرها في الظلام من ثيابها ...يخشى عليها وهي لم تعد تخشى الرصاص!
جرها وجر معها ذكريات الطفولة وغرق في دروب غزة وتاه منه باب الدار..
وعندما كلت يداه انطرح مخبتا على صدرها باكيا وأمتلأ كفها بدموعه وظل دافئا..وكان لابد من ضمة أخيرة
وبدأ يودع وجهها...ويشم بعمق رائحة عنقها...وهو يردد((حتى لا أنسى رائحتك يا أمي...حتى لا أنساها ))
وانتفض المارد و أخيرا وقف وهتّك الوشائج..ومزق الصمت المهيب بزفرة حادة مقهورة..فتناثرت أشلاء حلم طفت على الأرض فوق الدماء التي هاجت وألتج من تحتها الرماد
آاااه يا أمي
آااه يا غزة
لك الله
بقلم
أختكم المقهورة
أم البنين
د.حنان لاشين
(دماء فوق الرماد)
-أمي
-ماذا تريد؟
-هل لابد من الخروج الآن؟
-بالتأكيد يا بني...لابد أن نحضر الخبز والدواء
-الظلام حالك يا أمي...وغزة صارت كالقبر
-لا تقل قبرا...انها غزة يا ولدي
-لابد أن نلتزم الدار ليلا وكفانا ضوء النهار وغدا سأحضر لك بنفسي الخبز يا أماه
-لا...لا...أخوك جائع..و مريض..لو أجّلنا الخبز لن نؤجّل الدواء
-حسنا...هيا بنا وسأحمل هذه الشمعة لعلها تضيء لنا الطريق
يا الله..انطفأت الشمعة....
-كل الشموع ستنطفيء يا بني....حافظ فقط على النور في قلبك ولا تخف وسر بجانبي
-ليتني قوي مثلك يا أماه
-آاااااااااه...البرد قارص يا ولدي..أقترب وتعال لأدفئك
-كيف تحتفظين بدفء كفك دائما يا أمي
-لا أدرى.....ولكنني هكذا كنت أسأل أمي...
-هل تبتسمين...
-نعم ..أبتسم
- لا...بل أنت تبكين...انني لا أرى وجهك...دعيني أتحسسه
-تذكرت أمي.
-رحمها الله...هيا يا أمي..هيا...فأنا معك
-بارك الله فيك يا بني...تعال من هنا..المخبز في هذا الطريق وها هم قد أشعلوا عجلات السيارات القديمة ليأنس الحي بضوئها
-........................
-ما هذا....نار...طلقات ..أمي...أمي أنا خائف
_آاااااااااااه
_أمي...أمي.....
_أركض يا حبيبي...أركض الى البيت
_أمي...ألا...ستكونين بخير...أصمدي
_هيا يا حبيبي....أنج بنفسك
_وكيف أنجو وأنت نفسي...ونفسي
_انهم يقتربون...أسمع صوت الدبابات...والكل يفر..أركض معهم
_أمي...لا...أنا أحبك...أمي
_يا بني كن قويا...لن تنقذني...ولن أنفعك الان....ان الرصاصة أصابت قلبي
_أمي....سأجرك الى البيت...نعم...سأجرك من ثيابك...فتحملي معي
_وبعد؟ألا ترى الظلام....حتى الطبيب لن يسعفني...فكل غزة في ظلام...
_أمي....أمي....
_بني...أشعر أن زيت السراج قد نضب...وها أنا لا أشعر الآن بأي ألم...فقط دعني أنظر الى وجهك...على ضوء هذا القمر
_أمي...أمي...
_تعال لأضمك...وأشمك...الله...كم أنت جميل يا ولدي..
بني...عش حياتك وأهنأ بها...وأخبر أخوك أنني أحبه...(أشهد أن لا اله الا الله...وأن محمدا رسول الله)
_أمي...أمي....أمي
وظل الحبيب ينادي...ولم تسمعه وبدأ يجرها في الظلام من ثيابها ...يخشى عليها وهي لم تعد تخشى الرصاص!
جرها وجر معها ذكريات الطفولة وغرق في دروب غزة وتاه منه باب الدار..
وعندما كلت يداه انطرح مخبتا على صدرها باكيا وأمتلأ كفها بدموعه وظل دافئا..وكان لابد من ضمة أخيرة
وبدأ يودع وجهها...ويشم بعمق رائحة عنقها...وهو يردد((حتى لا أنسى رائحتك يا أمي...حتى لا أنساها ))
وانتفض المارد و أخيرا وقف وهتّك الوشائج..ومزق الصمت المهيب بزفرة حادة مقهورة..فتناثرت أشلاء حلم طفت على الأرض فوق الدماء التي هاجت وألتج من تحتها الرماد
آاااه يا أمي
آااه يا غزة
لك الله
بقلم
أختكم المقهورة
أم البنين
د.حنان لاشين