الأرض الحمراء
الأرض الحمراء
ما كنت أظن يوما أن للأرض ألوانا تتبدل
ما كنت أدري أن اللون الأحمر هو أحلى الألوان .. وأن التراب يسمو ويشرف فيطالب الناس أن يغيروا لونه فقد مل اللون الأسود والأصفر والأخضر...
ما كنت أعرف أن للتراب روحا تحيا وأن له لسان يصرخ وأن له قلب ينبض
ما ظننت يوما أن لجدران البيوت نفوس تختلج فيها المشاعر وتختلط بصرخات العزة ونداء المجد
حتى رأيت ذاك اللون تصطبغ به حبات التراب
ما أغلى هذه القطرات...
لشهور طويلة كنت أرقب جدران غزة ... أسمعها تهمس في أذني وتنادي شاكية .. قد خذلها الأخ والقريب وجاعت فيها المآذن مع الأطفال و عطشت فيها القباب مع الشيوخ وجادت فيها الدروب تلفظ أنفاسها مع ذاك المريض الذي جادت روحه ينتظر أن تصله حقنة الدواء..
كنت أسمع عتاب غزة... ونداء غزة... وهمسات الشكوى تمزق قلبي ..
كانت الهمسات تعلو حتى طرقت أسماع الصم ورأتها قلوب الضرير...
كنت أظنني أتوهم أصواتا وأختلق همسات... وكيف للجدران أن تتكلم وهي حجر أصم...
ثم صرخت الأرض في وجهي مع القطرات الحمراء... صرخت دون عتب أو شكوى...
كانت صيحاتها في هذه اللحظة صيحات فخر... وضحكات حب... ذلك لونها الذي تنتظره... وما أحلى القرمزي عندما يكون صباغه دم الشهداء...
رأيت الدماء تسيل... ورجل رفع يده ينطق الشهادة وعينه تبتعد وترى ما وراء الناس...
ورأيت آخر ينادى على من بلفظ الأنفاس الأخيرة
الشهادة يا أخي
لا تنسى النطق بالشهادة يا شيخ
كلمات هزت العروش وزلزلت القصور وهدمت الحواجز
كلمات أتت من بعيد من مشاهد قرأت عنها لكنني ما رأيتها... أكرمني الله لأراها كأنها لاتزال تتردد من أربعة عشر قرنا...
ورأيت الشهداء في اليرموك
عكرمة وصفوان .. وقد مر الساقي ليسقي الأول فيشير إليه أن اسقٍ أخي فينظر فإذا بالثاني قد مات... فيعود للأول فإذا به قد مات...
لله درك غزة... من أيت جئت... من بقاع القادسية أم من وادي اليرموك...
بل ربما من أجنادين... وما جنين عنك ببعيد..
لله درك...
ولا أظنني قادرا على وصفك بكلمات....
جفت سماء الكرامة وعطشت أرضها وأقفرت أحياؤها فوقفت تستسقي ... وهطلت قطرات السقيا حمراء قانية زكية فأحيت المارد وردت الروح وسمعنا معها الهدير... هدير الغضب ونبضات الإيمان
لله درك من شهيدة... والشهادة نصر وقد نصر الله صاحب الأخدود بشادة أكرمه بها...
وماذا أقول
يشهد الله أنني لا أجد الحروف ولا الكلمات
بقلم
د.صالح
الأرض الحمراء
ما كنت أظن يوما أن للأرض ألوانا تتبدل
ما كنت أدري أن اللون الأحمر هو أحلى الألوان .. وأن التراب يسمو ويشرف فيطالب الناس أن يغيروا لونه فقد مل اللون الأسود والأصفر والأخضر...
ما كنت أعرف أن للتراب روحا تحيا وأن له لسان يصرخ وأن له قلب ينبض
ما ظننت يوما أن لجدران البيوت نفوس تختلج فيها المشاعر وتختلط بصرخات العزة ونداء المجد
حتى رأيت ذاك اللون تصطبغ به حبات التراب
ما أغلى هذه القطرات...
لشهور طويلة كنت أرقب جدران غزة ... أسمعها تهمس في أذني وتنادي شاكية .. قد خذلها الأخ والقريب وجاعت فيها المآذن مع الأطفال و عطشت فيها القباب مع الشيوخ وجادت فيها الدروب تلفظ أنفاسها مع ذاك المريض الذي جادت روحه ينتظر أن تصله حقنة الدواء..
كنت أسمع عتاب غزة... ونداء غزة... وهمسات الشكوى تمزق قلبي ..
كانت الهمسات تعلو حتى طرقت أسماع الصم ورأتها قلوب الضرير...
كنت أظنني أتوهم أصواتا وأختلق همسات... وكيف للجدران أن تتكلم وهي حجر أصم...
ثم صرخت الأرض في وجهي مع القطرات الحمراء... صرخت دون عتب أو شكوى...
كانت صيحاتها في هذه اللحظة صيحات فخر... وضحكات حب... ذلك لونها الذي تنتظره... وما أحلى القرمزي عندما يكون صباغه دم الشهداء...
رأيت الدماء تسيل... ورجل رفع يده ينطق الشهادة وعينه تبتعد وترى ما وراء الناس...
ورأيت آخر ينادى على من بلفظ الأنفاس الأخيرة
الشهادة يا أخي
لا تنسى النطق بالشهادة يا شيخ
كلمات هزت العروش وزلزلت القصور وهدمت الحواجز
كلمات أتت من بعيد من مشاهد قرأت عنها لكنني ما رأيتها... أكرمني الله لأراها كأنها لاتزال تتردد من أربعة عشر قرنا...
ورأيت الشهداء في اليرموك
عكرمة وصفوان .. وقد مر الساقي ليسقي الأول فيشير إليه أن اسقٍ أخي فينظر فإذا بالثاني قد مات... فيعود للأول فإذا به قد مات...
لله درك غزة... من أيت جئت... من بقاع القادسية أم من وادي اليرموك...
بل ربما من أجنادين... وما جنين عنك ببعيد..
لله درك...
ولا أظنني قادرا على وصفك بكلمات....
جفت سماء الكرامة وعطشت أرضها وأقفرت أحياؤها فوقفت تستسقي ... وهطلت قطرات السقيا حمراء قانية زكية فأحيت المارد وردت الروح وسمعنا معها الهدير... هدير الغضب ونبضات الإيمان
لله درك من شهيدة... والشهادة نصر وقد نصر الله صاحب الأخدود بشادة أكرمه بها...
وماذا أقول
يشهد الله أنني لا أجد الحروف ولا الكلمات
بقلم
د.صالح